ذكربات طنجاوية


مابين الأمس و اليوم..  عادت فطومة بذاكرتها إلى الأيام الخوالي ، عندما كانت تلتقي مع عويشة بعد يوم شاق من العمل الدؤوب،  عائدة من مطعم " كارلوس " الاسباني،  حيث عملت لسنوات كطاهية بارعة ، عندما اضطرت لذلك  بعد موت عزيزي أحمد .

كانت أرملة شابة ،ضحت بشبابها و جمالها و اختارت أن تكافح من أجل ولديها .. 
manos de oro هذا ما أطلقه الاسباني عليها بعدما برعت في إعداد الطعام المغربي و الاسباني،  لتعود مساء محملة بما لذ و طاب ، تتقاسمه مع صديقة العمر عويشة ، لينعما بعدها بجلسة رفقة أطفالهما في حجرة غنام المطلة على الضفة الأخرى ..
يلعب الأولاد و يتشاجرون.. و عند موعد الانصراف يختبؤون  في بقايا آثار  القبور الفنيقية أو الرومانية  .. و تتحول جلسة الصفاء إلى حلبة للجري و البحث في متاهة القبور عن ذاك الطفل أو تلك الفتاة  ..

تنظر عويشة بعيدا فيتراآى أمامها منظر الباخرة القادمة من جبل طارق أو " جبلطار " كعادتها مساء الخميس كل خمسة عشر يوما ، تنظر إليها و هي تمخر عباب البوغاز معلنة عودة حبيب غال ، إنه زوجها المختار ، وقد آن الأوان أن تعود إلى البيت لاستقباله كعادتها ، مهيئة مالذ و طاب من الأكل ، و هو بدوره يأتي محملا بأطايب شوكولاتة " ماكنتوش " الفاخرة و بسكويت " ديجستيف" 
اللذيذ ، و البنطوفة الدافئة،  و غيرها من السلع الانجليزية الراقية ..

كعادة الطنجاويين العاملين بجبل طارق ، يقضي المختار نهاية الأسبوع مع أسرته ، ليعود الأحد مساء إلى عمله ، و تبقى عويشة حاضنة للأسرة و مسؤولة عنها في غياب الزوج ..

تتقاسم مع فطومة في كل مساء بعضا مما أحضره المختار من حلويات و عطورات،   و تتبادلان الأحاديث و  الهموم .. لتعودا بعدها إلى حال سبيلهما ..


بقلم : عطية معين

تعليقات