مهن في طريق الانقراض(الحلقة الثانية)


    نسميها مهنا في طريق الانقراض، وهي في حقيقتها انقرضت، أو-على الأقل- تطورت وتعصرنت، وصار المواطن يتعامل معها باعتبارها من الكماليات، وإليكم هذا الثلاثي من المهن التي تقاوم الموت بإصرار، وتتمنع عن الاحتضار.
 1- السمار والسمارين: يحترف هذا الرجل مهنة العناية بحوافر الدواب، وتجديد حذواتها، ( الصفايح) وكان الطلب عليه كثيرا، يوم كانت وسائل النقل بغالا وحميرا، ولكن الزمان دار ، وأعفي من المشاق البغل والحمار.
أتكلم عن الحياة داخل مدننا العتيقة، حيث كان في كل منها حي للسمارين، يقوم حرفيوه  بشيء شبيه بما يقوم به مصلحو عجلات السيارات اليوم، ولم يبق من أمجاد تلك الأحياء إلا لوحات على الجدران تذكر بتلك الأسماء، وسبحان من له الدوام والبقاء، وغيرت دكاكين السمارين بضاعتها الحديدية، بأنواع أخرى من البضائع، يروجها للزبناء كل بائع.
 2- الفحام: تطلق على بائع الفحم، وتجمع على فحامين، ونظرا لما يخلفه الفحم من توسيخ حيثما وضع، فقد أنشئت له في المدن القديمة أسواق خاصة، سميت بالفحامين، أو أسواق الفحم. وقد قاومت هذه الحرفة الاندثار إلى أواخر الستينيات، وبعدها صارت نساء المدن يسخرن من التي ما زالت تستعمل مجمر الفحم، بعد انتشار استعمال غاز الوطان، وصار استعمال الفحم كماليا في عيد الأضحى وفي مناسبات خاصة، ومما زهد الناس في استعماله سكنى الشقق العصرية الضيقة، والتي لا تتوفر على التهوية اللازمة للتغلب على ما ينفثه احتراق الفحم من غاز ثاني أكسيد الكاربون السام؛ الشيء الذي كان متوفرا في المنازل والأكواخ القديمة المنفتحة عادة على الهواء الطلق مباشرة.
 3- الطراف، ويجمع على طرافين، وهو مصلح الأحذية. كان المغاربة قديما ينتعلون البلغة دائما، وعندما تتآكل أطرافها يسلمونها للإسكافي الذي يعتني بترميم أطرافها، فسمي طرافا.
 ومهنة إصلاح الأحذية كانت من اختصاص اليهود المغاربة قديما، ومن طرائف الطرافة، يقال إن جد رئيس الحكومة الإسپاني ثاپاطيرو Zapatero كان طرافا ،وأطلق عليه هذا اللقب لأنه كان يهوديا يصلح الأحذية. كما أن هناك يهوديا مغربيا ازداد في المغرب وهاجر في السبعينيات إلى كندا وصار من أشهر صانعي الأحذية في العالم، إنه ألدو بنسعود Aldo Bensaoud، الذي لم يكتف بصنع الأحذية، بل شفعها بالصناعات الجلدية الدقيقة 
Les maroquinerie.
(لاحظوا اسم هذه الصناعة التقليدية معروفة في العالم بنسبتها إلى المغرب Maroc.)
وصلت منتجات مصانع ألدو Aldo مؤخرا إلى المغرب، بعد أن اكتسحت المولات والمتاجر الراقية في كندا والولايات المتحدة،ثم انتقلت إلى أوروپا، وهاهي اليوم معروضة في متاجرنا الكبرى.
هذا طرف من طرائف الطرافين.

بقلم :  إدريس اعفارة

25 يناير 2023

تعليقات