كان الهدف في البداية من تأسيس" دار النيابة السعيدة" ، هو الحد من التسرب الاجنبي ، وذلك بحصر مقر النواب الاجانب في طنجة بعيدين عن العاصمتين فاس ومراكش .
غير ان هذا الاجراء جاء بنتيجة عكسية ، حيث تحولت الهيئة الدبلوماسية في النصف الثاني من القرن 19 وبداية القرن 20 الى سلطة مستبدة واصبحت تفرض ارادتها على السلطان ، وتمكنت من انتزاع امتيازات مختلفة دون رفض او قبول المخزن المغربي.
وقد كان المرحومان عبد العزيز التمسماني خلوق ومحمد الامين البزاز على حق عندما اصدرا مجلتهما التاريخية تحت عنوان
"مجلة دار النيابة " للتنبيه بأهمية هذه المؤسسة . والتي قدم لعددها الاول الصادر في يناير 1984 المرحوم عبد كنون بقوله في ص 2 :
" ان تصدر مجلة تاريخية وثائقية بطنجة قد يستغربه بعض الناس ، خصوصا في حالة الركود الثقافي المزمن بهذه المدينة ...وان يكون اسم هذه المجلة "دار النيابة السعيدة" هو مما يستغربه اكثر ، من لم يسمع بهذا الاسم ، ولم يعرف ما كان له من دور سياسي في تاريخنا الحديث ، ولعل القارئ الذي يكون من هذه الطائفة من الناس ، نقول : " ان دار النيابة التي تقع في طريق الصياغين من المدينة القديمة بطنجة ، هي مقر النائب السلطاني فيما قبل الحماية ، وبعدها الى قيام النظام الدولي بطنجة ، وكان النائب السلطاني في ذلك العهد ، يعتبر بمثابة وزير الخارجية او نائبه ، نظرا لان السلك الدبلوماسي الاجنبي كان يقيم بطنجة ، فالسفارات المعتمدة لدى المغرب كلها كانت بهذه المدينة ، وما تزال قائمة الذات الى الآن ، اما مشغولة بقنصليات واما قد استغي عنها كدار النيابة نفسها ، وبهذا يظهر ان اسم دار النيابة هو كالمرادف لوزارة الخارجية ....
ان صاحب هذه المجلة قد اصاب في هذا الاسم اذ ذكر به الناس ، بل ذكرهم بفترة من تاريخهم لها اعظم الاهمية في ماضينا السياسي القريب"
وللموضوع تتمة فانتظروني مع الحلقة الاخيرة في تدوينة قادمة بحول الله .
والحمد.لله رب العامين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين .
2025-01-11 23:06:52