دار النيابة السعيدة بطنجة DAR AL- NIABA ( الحلقة الثانية )


وهكذا اصبح للنائب السلطاني دورا كبيرا في تصريف السياسة الخارجية للبلاد باعتباره ممسكا بجميع خيوط التعامل مع ممثلي الدول الأجنبية ومتحملا مسؤولية اتخاذ القرار ..."وللناىب اعوام في زي مخصوص يمتازون به عن سواهم من الاعوان".
وقد  تعاقب على حكم دار النيابة عدة نياب ، ففي البداية اسند السلطان المولى عبد الرحمن مهام هذه الدار الى السيد بوسلهام بن علي أزطوط باشا طنجة والعرائش سنة 1848 والذي اصبح من خلال مراسلاته يحيط السلطان بالتحرشات الاجنبية التي تهدد التراب المغربي... وظلت هذه المؤسسة في عهده متواضعة من حيث التنظيم والتأطير وعدد الموظفين .
ومما قام به النائب بوسلهام هو توقيعه على معاهدة الصلح بين المغرب وفرنسا في 10 شتنبر 1844 على اثر هزيمة ايسلي ثم توقيعه في السنة التالية على اتفاقيات مع ممثلي كل من السويد والدانمارك .

وبعد وفاة بوسلهام سنة 1851 تم تعويضه بالحاج محمد الخطيب  الذي اتخذ منزله  مقرا لها، وجمع بين وظيفتين نائب السلطان وباشا طنجة ، وبناء على طلبه فصلت الوظيفتان فاحتفظ هو ( اي الخطيب) بوظيفة النائب السلطاني في حين تم تعيين محمد بن عبدالمالك الريفي عاملا على طنجة.وقد وقع الخطيب على اتفاقية 26 ابريل 1860 مع اسبانيا التي نصت على توسيع رقعة احتلالها في سبتة ومليلية

وفي 1862 عزل الخطيب من منصبه رغم كفاءته وذلك بضغط من اسبانيا بعد حرب تطوان  فرحل الى تطوان واستقر بها الى ان توفي سنة 1872 ، فتولى شؤون النيابة محمد بركاش الذي وقع مع الممثل الفرنسي بكلارد على اتفاقية 1863وهي اخطر معاهدة وقعها المغرب مع اروبا كما وقع على اتفاقية منارة راس اسبارتيل 1865  وشارك في مؤتمر مدريد سنة 1880 وساهم في تأسيس عملة عرفت بالسكة الحسنية سنة 1881م. واستمرت نيابته الى غاية وفاته سنة 1886.
وبعده تم تعين الحاج محمد العربي الطريس نائبا لازيد من أربعة عقود فقد رفض السلطان الحسن الأول اعفاءه من منصبه سنة 1888 كما تراجع المولى عبد العزيز  عن تنحيته سنة 1904 .
وفي عهد الكريس تحولت من منزل الخطيب الى الموقع الحالي للبناية بشارع الصياغين وذلك في وقت تزايدت المشاكل المطروحة على هذه المؤسسة وتضخمت ملفاتها  خاصة بعد انعقاد مؤتمر الجزيرة 1906 والاحداث الخطيرة التي شهدتها الساحة المغربية في سنة 1907 تمثلت في احتلال فرنسا لمدينتي وجدة والدار البيضاء.
وفي سنة 1908 توفي الخطيب فعين المولى عبد الحفيظ محمد الجباص على راس دار النيابة، وكان هذا آخر نائب سلطاني يتولى هذه المهمة قبل اعلان الحماية سنة 1912 .

واداريا ، كانت هذه المؤسسة تضم نائب السلطان ومستشارا شرعيا ومستشارا في الشؤون القنصلية وعدة مترجمين وكتاب ، واصبحث بمثابة وزارة الشؤون الخارجية للمغرب ...  

و في عهد السلطان المولى يوسف ( الذي خلف اخاه عبد الحفيظ بعد تنازله عن العرش سنة 1912) تم تعيين محمد بن عبد الكريم التازي الذي اصبح مندوبا للسلطان في طنجة بمقتضى القانون الدولي الخاص بالمدينة الصادر سنة 1923وبذلك اختفى مفهوم النائب السلطاني وحل محله المندوب السلطاني .
وهكذا استطاعت دار النيابة بطنجة منذ تاسيسها سنة 1848 تدبير العلاقات المغربية الأجنبية وإدارة الأزمات مع محاولتها الحفاظ على سيادة البلاد الى حدود 1912 حيث تم فرض الحماية الفرنسية على المغرب وفقد بذلك المغرب استقلاله الى حدود 1956.

والحمد لله رب العالمين ...والصلاة والسلام على اشرف المرسلين 
بتبع في حلقة ثالثة بحول الله ...
اتمنى منك الدعاء ....وتحياتي القلبية للجميع


 

تعليقات